لقد وصلت! يمكننا القول إن المرحلة التالية من ثورة التطوّر في مجال الإنترنت قد وصلت، وذلك بفضل الدعم الذي تلقاه من خلال ارتفاع نسبة استثمار البلدان والشركات في جميع أنحاء الكرة الأرضية في العالم الافتراضي. إننا نتكلم عن عالم «الميتافيرس» الذي هو عبارة عن عالم رقمي، لن يصل شبكة الإنترنت بكاملها فحسب بل سيغير طريقتنا في التفاعل معه كلياً. ستتمكّن من الدخول إلى عالم بديل لممارسة العديد من الأنشطة مثل شراء العقارات، وحضور المعارض التجارية والسفر إلى وجهة أحلامك، فأنت ستتمكّن من فعل كل ذلك من دون أن تضطر إلى مغادرة منزلك. واللافت أن عالم الميتافيرس يتضمن الروبوتات، والواقع الافتراضي، والذكاء الاصطناعي، وكل ذلك مع التشديد على قيمة التفاعل البشري والتأكيد على أخذها في الاعتبار. وهو يبني التكنولوجيات ليتمكن الناس من التواصل، والتفاعل في المجتمعات وتوسعة أعمالهم ونمو شركاتهم.
نمو عالم الميتافيرس على الصعيد العالمي وتأثيره
وقد يؤدي توفر عالم الميتافيرس على الصعيد العالمي إلى احتمالات لا تعدّ ولا تُحصى في المستقبل. وعلى الرغم من أن تأثيره على المدى الطويل لا يزال ربما غير واضح المعالم، إلا أن تأثيره الحالي واضح وجلي. ويبدو أن الشركات المعروفة والمشهورة قد استدركت هذا الأمر بدليل أنها تحوّل تركيزها إلى عالم الميتافيرس وتسعى جاهدة لوضع الاستراتيجيات لتطبيقه مما يساعدها على التطور والنمو.
ولا بد من الملاحظة بأنه منذ تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، شهدنا تغيرات كبيرة في القوة العاملة مع زيادة في العمل عن بُعد أو تطبيق أسلوب العمل المختلط. وقد أدّت ضرورة إجراء هذه التغيرات إلى تعزيز نمو عالم الميتافيرس بحد ذاته لا بل والتسريع من استخدامه. وأصبحت احتمالات تصريف الأعمال والأمور الملحة عبر الإنترنت والعالم الافتراضي ممكنة مثل عقد الاجتماعات مع العملاء وتنظيم المؤتمرات، وحضور المواعيد الصحية والدورات التعليمية الافتراضية، وكل ذلك بفضل توفر عالم الميتافيرس. ومن ناحيتها، كان لارتفاع عدد العملات المشفرة والأصول الرقمية غير القابلة للاستبدال (NFTs) تأثيراً إيجابياً في فتح آفاق جديدة في سوق عالم الميتافيرس. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تزداد قيمة عالم الميتافيرس بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 40.4% وذلك من الفترة الممتدة من عام 2021 وحتى عام 2030.
عالم الميتافيرس ودولة الإمارات
تتميز دولة الإمارات بديناميكية كبيرة وحيوية وقد وضعت رؤية مستقبلية راسخة وتنموية تعتمد اعتماداً كبيراً على التكنولوجيا لتمهيد هذا الطريق. وانسجاماً منها مع تعزيز رؤيتها، تتبوأ دبي صدارة الدول التي تشجّع الابتكار وتدعم التطور في مجال الميتافيرس من خلال تعزيز التعاون في البحوث وتطوير التطبيقات والحلول والأنظمة المبتكرة وتنمية هذا القطاع وتبني التقنيات العالية والحلول الرقمية المستقبلية. وقد أعلن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، في الآونة الأخيرة عن خطة لزيادة انخراط الدولة في اقتصاد ميتافيرس وتعزيزه مما سيُسهم في ضخ حوالى أربعة مليارات دولار في اقتصاد دبي بحلول العام 2030 واستحداث أكثر من 40 ألف وظيفة افتراضية. ومن شأن هذا أن يضاعف بشكل كبير عدد شركات البلوك تشين العاملة في دولة الإمارات.
وتهدف الاستراتيجية إلى المساعدة على وضع معايير عالمية في مجال الأمن كي يتمكن المستخدمون من التفاعل مع المنصات بطريقة أمنة ومنظمة. وضمن إطار مبادرة قياس النجاح الاقتصادي لدولة الإمارات من خلال إجمالي ناتج ميتافيرس (GMP)، لن يُضطر الأفراد إلى التواجد جسدياً للمساهمة في الاقتصاد وسيضم من بين أمور أخرى خدمات البيع بالتجزئة، والعقارات، والتعليم، والسياحة والخدمات الحكومية.
تأثير عالم الميتافيرس الإيجابي
تُعلّق أمال كبيرة على عالم الميتافيرس في مساهماته في الاقتصادات ومساعدته للأفراد وذلك عبر العديد من الطرق، بما فيها:
مصادر الدخل
يُعتبر فتح الباب أمام سبل جديدة لمصادر الدخل والإيرادات تأثيراً من تأثيرات عالم الميتافيرس ومساهماته القيّمة في الاقتصاد. كما يمكنه أن يوفر للشركات الفرص لتطوير أعمالها من خلال إيجاد الحلول لاستخدامها في العالم الحقيقي.
المجتمعات العالمية
يمكن لأي شخص كان الانضمام إلى مجتمع عالمي أو بناء مساحة يمكنه من خلالها بيع منتجاته أو تبادلها مع العالم، ويعود الفضل في كل ذلك إلى عالم الميتافيرس. سيكون من الممكن التعاون على الصعيد العالمي إنما بطريقة حديثة وستتأثر الطريقة التي نعمل بها معاً ونتفاعل مع بعضنا البعض.
التعليم، والتسوق والسفر
سيشرّع عالم ميتافرس الأبواب أمام عالم جديد تماماً من طرق التعلّم، والتسوّق والسفر. حيث سيتمكن الطلاب من اختبار المفاهيم كجزء من تعلّمهم، وستتحوّل المعلومات إلى طرق تطبيق ملموسة. وستتمكّن من تجربة الملابس ورؤية عجائب العالم وأنت تنعم برفاهية الاسترخاء على كنبتك.
أما أبواب الاحتمالات الجديدة التي يفتحها عالم الميتافيرس فلا يمكن حصرها. ولا بد من التشديد بأن الفرص الجديدة لنمو عالم الميتافيرس وتطويره على الصعيد العالمي تتضاعف بفضل دول مثل دولة الإمارات العربية المتحدة التي تستثمر في هذا الفضاء السيبراني لتكون الرائدة والسباقة في مجال ثورة التطور الإلكتروني.